حكاية «أم الجعاب» بأبيدوس.. وأول ملكة حكمت في تاريخ البشرية 

صورة موضوعية
صورة موضوعية

تعتبر منطقة أم الجعاب بأبيدوس، التى كشفت بها البعثة الأثرية المصرية، الألمانية النمساوية العاملة في مقبرة  الملكة "مريت نيث" من الأسرة الأولي عن المئات من الجرار المغلقة والتي لم تفتح من قبل، بداخلها بقايا من النبيذ بالإضافة إلى العثور على مجموعة أخرى من الأثاث الجنائزي تعد ذات أهمية كبرى فى تاريخ مصر القديمة، كما أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية.

وأشار الدكتور ريحان إلى أن أم الجعاب تضم أول ملكة مصرية حكمت فى تاريخ البشرية وهى الملكة "مريت ـ نيت، التى حكمت مصر لمدة 10 سنوات فى الفترة "2939 ـ 2929 ق.م. وهى بنت الملك "جر" وزوجة الملك "واجيت" وأم الملك "دن"، وكانت امرأة سياسية من الدرجة الأولى حكمت مصر بعد وفاة زوجها وشاركت ابنها الملك "دن" الحكم الذى كان تحت السن المناسب فتولت هى الحكم والوصايا عليه ورفضت التدخل من أحد فى شئون الحكم، وكانت طموحة تحب تولى قيادة الحكم بنفسها.

منطقة أم القعاب اسمها المصرى القديم "بيقر" وهي تقع شرق مقابر ملوك أبيدوس، وقد عثر بها على 650 مقبرة من عصور مختلفة، ومن أشهر مقابرها مقبرة الملكة "ميريت نيت" وتعنى محبوبة نيت، وكان مركز عبادة نيث في سايس (حاليًا صا الحجر)، ونجد بعض الآثار وأدوات من عهدها تحمل أسماء أخرى مثل "نيث حتب" أي نيث راضية و"نخت نيث" ومعناها نيث القوية، وعثر في مقبرتها علي مئات من الأواني الفخارية المليئة بالنبيذ إضافة إلى مجموعة من الأثاث الجنائزي .

ونوه الدكتور ريحان إلى تسمية المنطقة بهذا الاسم "أم القعاب"  نسبة إلى كعب أو قعب الأواني الفخارية التي كانت تقدم فيها النذور والقرابين و المنتشرة بكثرة في المنطقة، ويقدّرعدد الجرار أو القوارير الفخارية بنحو 8 مليون إناء فخارى.

وأضاف الباحث الآثارى باسم سليمان أبو خرشوف بأن مقبرة أم الجعاب مرت بعدة مراحل بدأت بعصر نقادة الذي أتى قبل 3500-3000 سنة قبل الميلاد، وكانت أم الجعاب جبانة بسيطة يدفن فيها المصريون، ووجد من تلك الفترة كثير من المقابر الصغيرة والكبيرة. 

فى الفترة الثانية، زادت أهميتها وأصبحت تحتوي على قبور أمراء وأعيان من عهد نقادة الثانية، ثم ازدادت أهميتها  في عصر نقادة الثالثة، وكان أهم المدفونين فيها هو الملك العقرب الأول (مقبرة  U-j)،  وكان ذلك بدء استخدام منطقة أم الجعاب كمنطقة لدفن ملوك وأمراء عصر ما قبل الأسرات، حتى نهاية الأسرة الثانية.

وكانت منطقة المقابر خلال عصور مصر القديمة تحت حماية الإله المحلي لاأيدوس"خنتي امنتيو" أمير الغربيين، ولكن تغير ذلك خلال الأسرة الخامسة بشيوع أسطورة إيزيس وأوزوريس وكذلك عبادة رع  كما اتحد أوزير مع خنتي امنتيو وأصبح اوزير خنتي امنتيو
وينوه إلى وجود صور على بعض اللوحات لأعيان الدولة وعليها تقديس أوزير خلال الدولة الوسطى، وتظهر على بعض المقابر ما يشير إلى تحسينات أدخلت عليها خلال الدولة الوسطى.

وتابع الباحث الآثارى باسم سليمان أبو خرشوف إلى أن أم الجعاب أصبحت مركزًا للحجاج أثناء الدولة الحديثة، وكان لمعظم مقابر أم الجعاب لوحة حجرية أمام القبر مكتوب عليها اسم صاحبه، وفي العادة يصور فيها مقدمًا قرابين إلى الإله الذي يخصه بالتقديس، وكان شكل المقبرة يسمي المصطبة، وتتكون من جزئين أحدهما فوق الأرض والآخر تحت الأرض، ولم يبق من مقابر أم الجعاب سوى الدهاليز والحجرات تحت الأرض،  أمّا البنايات فوق المقابر فقد اختفت جميعها. 

وبعد بناء مقبرة الملك حور عحا تكاثر بناء مقابر ثانوية بجوار المقبرة الرئيسة، كان يدفن فيها تابعي وخدام الملك،  واختفت مع قدوم الأسرة الثانية، وعثر في  مقبرة "جر" علي تمثال من حجر البازلت يعرف "بسرير أوزيريس"، إتضح أنه من عهد الأسرة الثالثة عشر أي نحو ألف سنة بعد "جر"، يعرض الآن بالمتحف المصري بالتحرير.

وتعتبر مقبرة جر هي  مقبرة أوزوريس،  وكانت مقبرة أوزوريس الموجودة في أم الجعاب تسمى بالمصرية القديم "محات"، وطبقًا لإسطورة إيزيس وأوزوريس فقد عثرت إيزيس في أبيدوس على رأس زوجها أوزوريس الذي قتله أخوه ست.

اقرأ أيضا |مقبرة من عصر الأسرة الثانية وعدد من الدفنات الأثرية... كشف جديد بمنطقة سقارة